قِفِي يا مِصْرُ رُمْحًا لَنْ يَلِينا
وَصاعِقةً تُبِيدُ الظّالِمينا
فَإِنّا قدْ عَهِدْنا فِيكِ عَزمًا
إِذا هُنّا تَعاظَمَ أَنْ يَهُونا
ولا تُعطِي اليَمِيْنَ (لِسامِرِيٍّ)
وَلَكِنْ قَطِّعِي مِنْهُ اليَمِينا
فَقَدْ أَشْفَى عَلى التّسعِينَ يَهْذِي
وَيَحْسَبُنا عَبِيدًا طائِعين
ألا يا أيّها الطّاغوتُ وَلَّى
زَمانُ الخَوفِ والإذلالِ فِينا
أَجَعْتَ شَبابَ مِصْرَ ... وَرُحْتَ وَتَسْرِقُ مِنْ جُيوبِ الكادِحينا
وَتَنْهَبُ خَيْرَها مِنْ دُونِ حقٍّ
تُمَلّكُها ذَوِيكَ الأَقْرَبِينا
وَتَشْبَعُ وَالجِياعُ تَئِنُّ حَسْرَى
تُصِمُّ إِذا سَمِعْتَ لَهُمْ أَنِينا
وَتَمْلأُ بَطْنَكَ المَأفُونَ سُحْتًا
وتُخْلِي مِنْ رَعِيَّتِكَ البُطُونا
وتُغْضِي عن نِداءاتِ اليَتامَى
وَقَدْ جَأَرَتْ لِرَبِّ العالَمِينا
إذًا فالآنَ ذُقْ كأسًا مَرِيرًا
سَقَيْتَ الشّعبَ عَلْقَمَها سِنِينا
وَلَسْتَ بِأَكْرَمِ الباقِينَ فِيهِمْ
وَلَمْ تَكُ مَرّةً في الأَكْرَمِينا
أَكُنْتَ تَظُنُّ أنّ اللهَ يُبْقِي
قُعودَكَ فوقَ أَضْلُعِهِمْ قُرونا؟
!!
لعلّكَ رُحْتَ تَحْسَبُهُمْ رَعاعًا
تُسَبِّحُ: يا أميرَ المُؤمنينا
!!
أغرّكَ أنّهمْ سَكَتُوا وصامُوا
عَنِ القَوْلِ المُكتَّمِ أَنْ يَبِينا
إذًا فالآنَ يَهْدُرُ صوتُ شعبٍ
يَسُوقُ لِحَتْفِكَ الخَبَرَ اليَقِينا
هِيَ الأَقْدارُ تَقْهَرُ كُلَّ ظُلْمٍ
وَقَدْ قَصَمَتْ ظُهورَ الأَرْذَلِينا
أَرَى طاغُوتَ مِصْرَ اليومَ حانَتْ
مَنِيَّتُهُ بِيَمِّ الغاضِبينا
فَهذا قَبْلَه (فِرْعونُ) نادَى
وَصاحَ يُحَشْرِجُ النَّفَسَ الثّمِينا
وصارَعَ بِاليَدَيْنِ المَوجَ حتّى
أَحاطَ بهِ وَجرَّعهُ المَنُونا:
فَهِمْتُ الآنَ يا (مُوسَى) وَإِنّي
لِرَبِّ النّاسِ قد أَسلمْتُ دِينا
وَلَوْ قدْ قالَها مِنْ قَبْلُ كانتْ
لَهُ مِنْ ظُلْمِهِ حِصنًا حَصِينا
وَلَكنْ سُنّةُ الجبار تَمْضِي
وَمَا بَلَغَتْ عُقولَ الغافِلينا
طُغاةَ اليومِ هَلْ لَكُمُ اعْتِبارٌ
بِجبَّارِي القُرونِ الغابِرينا
أَقامُوا بِالحَدِيد لَهُمْ قُصُورًا
وَعَاشُوا بِالنّعيمِ مُمَتَّعِينا
فَهَلْ كانُوا بِذاكَ مُخَلَّدِينا؟!
سَيَأْتِي يَوْمُهُمْ مَهْما تَناءَى
كَمَا قَدْ جاءَ يَوْمُ الأَوَّلِينا
منقول